عليه ، والطّرف الفاتر : الذي ليس بحديد. والفتور : الضّعف. وفي مدّة الفترة بين عيسى ومحمّد عليهماالسلام أربعة أقوال : أحدها : أنه كان بين عيسى ومحمّد عليهماالسلام ستمائة سنة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال سلمان الفارسيّ ، ومقاتل. والثاني : خمسمائة سنة وستون سنة ، قاله قتادة. والثالث : أربع مائة وبضع وثلاثون سنة ، قاله الضّحّاك. والرابع : خمسمائة سنة وأربعون سنة ، قاله ابن السّائب. وقال أبو صالح عن ابن عباس (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي : انقطاع منهم ، قال : وكان بين ميلاد عيسى ، وميلاد محمّد عليهماالسلام خمسمائة سنة وتسعة وتسعون سنة ، وهي فترة. وكان بعد عيسى أربعة من الرّسل ، فذلك قوله تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) (١). قال : والرّابع لا أدري من هو. وكان بين تلك السنين مائة سنة ، وأربع وثلاثون نبوّة وسائرها فترة. قال أبو سليمان الدّمشقي : والرابع ، والله أعلم : خالد بن سنان الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
(٤١٣) «نبيّ ضيّعه قومه».
قوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا) قال الفرّاء : كي لا تقولوا : مثل قوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (٢). وقال غيره : لئلّا تقولوا ، وقيل : كراهة أن تقولوا.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠))
قوله تعالى : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) فيهم قولان : أحدهما : أنهم السّبعون الذين اختارهم موسى ، وانطلقوا معه إلى الجبل ، جعلهم الله أنبياء بعد موسى وهارون ، وهذا قول ابن السّائب ومقاتل. والثاني : أنهم الأنبياء الذين أرسلوا من بني إسرائيل بعد موسى ، ذكره الماورديّ.
وبما ذا جعلهم ملوكا؟ فيه ثمانية أقوال : أحدها : بالمنّ والسّلوى والحجر. والثاني : بأن جعل للرجل منهم زوجة وخادما. والثالث : بالزّوجة والخادم والبيت ، رويت هذه الثلاثة عن ابن عباس ، وهذا الثالث اختيار الحسن ، ومجاهد. والرابع : بالخادم والبيت ، قال عكرمة. والخامس : بتمليكهم الخدم. وكانوا أوّل من ملك الخدم ، ومن اتّخذ خادما فهو ملك ، قاله قتادة. والسادس : بكونهم أحرارا يملك الإنسان منهم نفسه وأهله وماله ، قاله السّدّيّ. والسابع : بالمنازل الواسعة ، فيها المياه الجارية ، قاله الضّحّاك. والثامن : بأن جعل لهم الملك والسّلطان ، ذكره الماورديّ.
قوله تعالى : (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) اختلفوا فيمن خوطب بهذا على قولين : أحدهما : أنهم قوم موسى ، وهذا مذهب ابن عباس ، ومجاهد. قال ابن عباس : ويعني بالعالمين : الذين
____________________________________
(٤١٣) ضعيف منكر. أخرجه البزار ٢٣٦١ من حديث ابن عباس ، وإسناده ضعيف لضعف قيس بن الربيع.
وهو معارض بحديث «أنا أولى الناس بعيسى ، الأنبياء أبناء علات ، وليس بيني وبين عيسى نبي».
ـ أخرجه البخاري ٣٤٤٣ ومسلم ٢٣٦٥ وأحمد ٢ / ٣١٩ وغيرهم من حديث أبي هريرة.
ـ فهذا يرد الحديث المتقدم ، بل ولا يصح ثبوت نبوة رجل بخبر ضعيف.
__________________
(١) سورة يس : ١٤.
(٢) سورة النساء : ١٧٦.