والثاني : الصّلاح والفضل واليقين ، قاله عطاء. والثالث : الهدى ، قاله الضّحّاك. والرابع : الخوف ، ذكره ابن جرير عن بعض السّلف. قوله تعالى : (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) قال ابن عباس : قال الرّجلان : ادخلوا عليهم باب القرية فإنهم قد ملئوا منّا رعبا وفرقا.
(قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤))
قوله تعالى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) قال ابن زيد : قالوا له : أنظر كما صنع ربّك بفرعون وقومه ، فليصنع بهؤلاء. وقال مقاتل : فاذهب أنت وسل ربّك النّصر. وقال غيرهما : اذهب أنت وليعنك ربّك.
(٤١٤) قال ابن مسعود : لقد شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون صاحبه أحبّ إليّ ممّا عدل به ، أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو يدعو على المشركين ، فقال : لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون ، ولكنّا نقاتل عن يمينك وعن شمالك ، ومن بين يديك ومن خلفك. فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أشرق لذلك وجهه وسرّ به.
(٤١٥) وقال أنس : استشار رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس يوم خرج إلى بدر ، فأشار عليه أبو بكر ، ثم استشارهم ، فأشار عليه عمر فسكت ، فقال رجل من الأنصار : إنما يريدكم ، فقالوا : يا رسول الله! لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب وأنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون ، ولكن والله لو ضربت أكبادها حتى تبلغ برك الغماد لكنّا معك.
(قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥))
قوله تعالى : (لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) فيه قولان : أحدهما : لا أملك إلا نفسي ، وأخي لا يملك إلا نفسه. والثاني : لا أملك إلّا نفسي وإلّا أخي ، أي : وأملك طاعة أخي ، لأنّ أخاه إذا أطاعه فهو كالملك له ، وهذا على وجه المجاز ، كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال :
(٤١٦) «ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر» فبكى أبو بكر ، وقال : هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ، يعني : أنّي متصرّف حيث صرّفتني ، وأمرك جائز في مالي.
قوله تعالى : (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) قال ابن عباس : اقض بيننا وبينهم. وقال أبو عبيدة : باعد ، وافصل ، وميّز. وفي المراد بالفاسقين ثلاثة أقوال : أحدها : العاصون ، قاله ابن عباس.
____________________________________
(٤١٤) صحيح. أخرجه البخاري ٣٩٥٢ و ٤٦٠٩ والنسائي في «التفسير» ١٦٠ من حديث ابن مسعود.
(٤١٥) صحيح. أخرجه النسائي في «التفسير» ١٦١ وأحمد ٣ / ١٠٥ و ١٨٨ وأبو يعلى ٣٧٦٦ و ٣٨٠٣ وابن حبان ٤٧٢١ من حديث حميد الطويل عن أنس ، وإسناده على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم ١٧٧٩ وأبو داود ٢٦٨١ وأحمد ٣ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ وابن حبان ٤٧٢٢ من طريق حماد عن ثابت عن أنس نحوه.
(٤١٦) صحيح. أخرجه النسائي في «فضائل الصحابة» ٩ وابن ماجة ٩٤ وابن أبي شيبة ١٢ / ٦ ـ ٧ وأحمد ٢ / ٢٥٣ ـ ٣٦٦. وابن حبان ٦٨٥٨ ، وهو حديث صحيح ، رووه من حديث أبي هريرة. وأخرجه بأطول مما هنا الترمذي ٣٦٦١ وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وأصله متفق عليه.