فالضمير فى «به» يعود إلى المال المشار إليه فى قوله تعالى : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) ، والضمير فى «منهن» يعود إلى من أحل من النساء ، وهن لمشار إليهن فى قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ويكون معنى الاستمتاع هنا ، طلب الزوجة ، أي ومن طلبتم بهذا المال الذي فى أيديكم من هؤلاء النساء فآتوهن مهورهن ، فريضة فرضها الله عليكم ، ولا حرج عليكم فى أن تتياسروا فيما بينكم ، بعد أداء هذا الحق ، فيكون للمرأة أن تنزل عن شىء من هذا المهر ، الذي صار حقا لها فى يدها ، ويكون للرجل أن يزيد فى المهر بعد أن أعطى الحق الذي عليه ..
فالقضية هنا قضية الزواج فى صميمها ، قد جاءت آيات الله لتكشف حلالها وحرامها ، وتحدّد حدودها ، وتلزم الرجال بأول شىء وأهم شىء مطلوب منهم فيها وهو المهر ، بعد أن تتجه رغبة الرجل إلى الزواج من المرأة التي أحلّ الله له الزواج منها ، والتي ليست واحدة من أولئك المحرمات .. فليس بمعقول أبدا أن يدخل على هذه القضية ، قضية المتعة ، التي هى فى حقيقتها أكثر من قضية الزواج تعقيدا ، وأشدّ عسرا ، وأخطر أثرا ـ بالإشارة إليها تلك الإشارة الخفية ، لو صحّ أنّ الإشارة كانت إليها ، ولما عرضها هذا العرض الخاطف ، بل لجعلها قضية بذاتها ، ولرسم حدودها ، وبيّن معالمها ، وموقف كل من الرجل والمرأة فيها ..
وانظر كيف كان موقف الشريعة من التزوج بالإماء ، وهنّ ما هنّ فى الحياة الاجتماعية التي كانت لهنّ.
يقول الله تعالى بعد هذا مباشرة : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ