أن يهاجرون بدينهم ـ وها هم أولاء الآن قد صاروا إلى جماعة المسلمين ، وظهر وجههم واضحا فى الإسلام. فليذكروا هذا الذي هم فيه الآن ، وما كانوا فيه من قبل ، وليجعلوا فى حسابهم لهؤلاء الذين يلقونهم فى مواطن الكفر بشارات الإسلام ، وبلسان المسلمين ـ أنهم كانوا فى حال مثل حالهم .. وفى هذا ما يغيّر نظرتهم إليهم ، ويوسع لهم فى باب التسامح والقبول ..
وقوله تعالى :
(فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) دعوة أخرى ، مؤكّدة للتثبث من أمر هؤلاء الذين لم يتضح أمرهم من الإسلام وضوحا كاملا ، وأن على المؤمنين أن يحذروا أن يصيبوا قوما بجهالة ، فتكون عاقبتهم الحسرة والندامة .. والله سبحانه وتعالى مطلع على الدواقع الخفية التي تدفع إلى التسرع فى هذا المقام ، وأهمها هو الرغبة فى مال القتيل وسلبه .. فإذا عزل المسلم هذا الشعور عن نفسه عزلا تامّا ، كان فى ذلك وقاية له من أن يأخذ هذا الإنسان ، ويستبيح دمه ، إلا إذا قامت بين يديه الدلائل القوية على أنه ليس من الإسلام فى شىء أبدا.
____________________________________
الآيتان : (٩٥ ـ ٩٦)
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٩٦)
____________________________________
التفسير : وإذ ذكر القتل والقتال ، فقد استدعى ذلك ذكر الجهاد فى سبيل