ولا مؤاخذة ـ لم يكسبوا ما كسبه المجاهدون بأموالهم وأنفسهم ، وبهذا سبقهم هؤلاء المجاهدون بأموالهم وأنفسهم ، فى ميدان الفضل والإحسان ، وكانوا أعلى درجة عند الله منهم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى).
فهؤلاء ، وأولئك ، قد وعدهم الله الحسنى ، وإن كان المجاهدون بأموالهم وأنفسهم أعلى درجة منهم فى مقام الإحسان ، الذي هو حظ مقسوم بين المسلمين الذين آمنوا بالله ، وأدوا لله ما أمرهم به ، جهد طاقتهم ، وما وسعت أنفسهم.
أما الذين آمنوا ، ولم يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ، وبين أيديهم المال ، ومعهم الصحة والعافية ، ولكنهم آثروا السلامة والدّعة ، وبخلوا بما آتاهم الله من فضله ـ هؤلاء قد بخسوا دينهم حقّه ، ونزلوا عن درجات المؤمنين ، على حين ارتفع المجاهدون بأموالهم وأنفسهم درجات .. وبهذا كان البون بين الفريقين شاسعا ، والمدى بعيدا .. وهذا ما تضمنه قوله سبحانه.
(وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً* دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) .. فهذا الأجر العظيم الذي فضّل الله به المجاهدين على القاعدين ، هو درجات كثيرة فى مقام الإحسان ، ومغفرة من الله ورحمة ، تشتمل هؤلاء المجاهدين ، وتبدل سيئاتهم حسنات : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ).
ولنا مع هذه الآية الكريمة وقفة لا بد منها :