فقد أجمع المفسّرون ، والفقهاء ، وأصحاب الحديث ، على أن متنزّل هذه الآية الكريمة ، لم يكن على هذه الصورة ، أوّل ما نزلت ..!
يقولون : إن الآية نزلت أولا هكذا :
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً* دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
والذي يتلو الآية الكريمة على هذا الوجه ، يجد أنّ بين أولها وآخرها تناقضا لا يمكن رفعه بأى تأويل ..
ففى أولها : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ) درجة ..»
وفى آخرها : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً .. دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ..).
فكيف يستقيم هذا مع ذاك؟ وكيف يكون فضل المجاهدين على القاعدين درجة ، ثم يكون فضل المجاهدين على القاعدين درجات ومغفرة ورحمة ..؟
كيف يقع حكمان مختلفان على أمر واحد ، فى حال واحدة؟
فإذا تليت الآية الكريمة على ما هى عليه .. هكذا : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً* دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) ـ إذا تليت الآية على ما هى عليه ، كان لها هذا المفهوم الواضح الذي فهمناها عليه ،