وكان الحكمان المختلفان واقعين على فريقين من المتخلّفين عن الجهاد : الفريق الأول الذي تخلّف بعذر ، ولم ينفق لعذر ، والفريق الآخر الذي تخلّف عن الجهاد لا لعذر ، ولم ينفق فى سبيل الله لا لضيق ذات يد .. بل إيثارا للسلامة ، وبخلا بالمال ، وضنّا به فى هذا الوجه الكريم ..
فقوله تعالى : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ركن متين من أركان هذا البناء العظيم الذي للآية الكريمة ، وأن هذا البناء لا يقوم أبدا بغير هذا الركن ..
وتسأل : لم جاءت الآية الكريمة أولا دون ذكر لقوله تعالى : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ثم جاء بعد ذلك قوله تعالى : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ملحقا بالآية ، آخذا مكانه بين نظمها الذي قامت عليه أول أمرها؟ لم هذا؟ بل كيف هذا؟
والجواب الذي يقدمه المفسرون ، والفقهاء والمحدّثون .. هو :
أن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، حين تلقى الآية الكريمة ، دعا من كتّاب الوحى من يكتبها ، وكان عبد الله بن أم مكتوم ـ وهو أعمى ـ ممن حضر مجلس رسول الله ، هذا ، فسأل رسول الله عن موقفه هو وأمثاله ممن لا سبيل لهم إلى الجهاد فى سبيل الله!
قالوا : فما إن سأل عبد الله بن أم مكتوم هذا السؤال ، حتى أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما يأخذه من الوحى ، فلما سرّى عنه ، قال لكاتب وحيه : اكتب : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ). : فكتبها كاتب الوحى ، فى موضعها من الآية ، كما تلقّاها الرسول الكريم وحيا من ربّه!!
إنها قصة .. تنقصها الحبكة ..!!
ولو استقام للآية وجه على هذا النظم الذي خلا من قوله تعالى : (غَيْرُ