وأذلّوا بها آدميّتهم ، ومحاكمة تنتهى بهم إلى عذاب السعير فى الآخرة ، حيث ضاع إيمانهم فيما ضاع من آدميتهم ، تحت سياط الظلم والعسف!
وهذا يعنى أن المؤمن لا يصبر أبدا على الظلم ، ولا يقبله ، وأنه إن قبله ، وصبر عليه ، لم يكن فى المؤمنين .. لأن المؤمن عزيز بالله ، كريم على الله .. وطاعم الظلم ومستسيغه لا عزّة له ولا كرامة!
فمن وجد القدرة على الهجرة والفرار من وجه الظلم والبغي ، ولم يهاجر فهو آثم عند الله .. لأنه فى معرض الفتنة فى دينه ، وهيهات أن يسلم له دين ، وهو فى هذا الموطن ، الذي تنطلق منه شرارات البغي ، فتحرق مادياته ومعنوياته جميعا ..
وليست الهجرة هنا مقصورة على زمن معين ، أو مكان معين .. بل الهجرة مفتوحة فى كل زمان ، وإلى كل مكان ، يجد فيه المؤمن متنّفسا لمشاعره ، ومنطلقا للسانه ، ووجوها لسعيه!
وقوله تعالى : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) استثناء وارد على الحكم العام الذي حكم به الله تعالى على المستضعفين الذين سكنوا إلى الظالمين ، ولم يهاجروا .. فهؤلاء المستضعفون من الرجال والنساء ، والولدان ، لا حيلة لهم ولا قدرة معهم على الهجرة ، فهم معذرون إذا لم يهاجروا ، وقد أعفاهم الله من هذا العقاب الذي أخذ به القادرين على الهجرة ، وقعدوا عنها.
وقوله تعالى : (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) تحريض لهؤلاء المستضعفين أن يكونوا على نيّة الهجرة دائما ، وأن يعملوا لها ، وأن يرصدوا أسباب القدرة عليها ، فإن أمكنتهم الهجرة هاجروا .. وإلا فإن الله كان