فالعنت والإعنات : الإرهاق والضيق من أمر لا تتسع النفس لاحتماله ، ولا تقدر العزيمة على الإمساك به.
فمن خشى من الرجال غير المحصنين ، الذين لا يجدون فى أيديهم من المال ما ينالون به التزوج من الحرائر ـ من خشى منهم العنت وعدم احتمال التعفف ، فإنه لا بأس من أن يتزوج من الإماء ، بعد رضا مالكهن ، وإيتاء المهر المطلوب لهن ، مع مراقبتهن والعمل على صيانتهن من التبذل والاتصال بأخدانهنّ ، حتى لا تشيع الفاحشة فى المجتمع.
وفى قوله تعالى : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) دعوة إلى الصبر واحتمال بعض العنت فى العزوبية ، وترجيح جانب الإمساك عن التزوج بالإماء ، على التزوج بهنّ ، لما يثرن فى الحياة الزوجية ، التي ينبغى أن تظللها العفة ، ويحرسها التصون والشرف ـ من غبار الريبة ، ودخان التبذل ، وريح الفاحشة!
وفى قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إماءة من طرف خفى إلى تجنب التزوج بالإماء ، والصبر على العزوبية ، وإن لقى منها صاحبها العنت فى الحفاظ على دينه ومروءته ، وإن جرّه ذلك الموقف إلى أن يلمّ ببعض اللمم ، بحيث لا يدنو من الفاحشة ، ولا يحوّم حولها .. فإن لم يأمن ذلك فالزواج بالإماء خير ، إذ يدفع شرّا بما هو أهون منه شرا .. والله سبحانه وتعالى يقول : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى* الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) (٣١ ـ ٣٢ : النجم)
ذلك ، والقرآن الكريم إنما يخاطب هنا إنسانا مؤمنا ، حريصا على دينه ، متحرّيا النصح لنفسه ، فى الحفاظ عليها مما يغضب ربه ، ويفسد عليه دينه .. وليس الخطاب لإنسان يمكر بآيات الله ، ويريد أن يتخذ من رحمة الله ولطفه بعباده ،