و «الأنعام» : البهائم التي يتألفها الإنسان ، وينتفع بها فى وجوه كثيرة بيّن الله بعضها فى قوله : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) (٥ ـ ٦ ـ ٧ : النحل)
وبدء السورة بهذه الآية الكريمة التي تدعو إلى الوفاء بالعقود هو مناسب للسورة التي قبلها «سورة النساء» ، لما تضمنته من أحكام اليتامى ، والمواريث ، والزّواج ، والتيمم ، والجهاد ، وغيرها ، وكلها عقود ومواثيق بين الله وبين عباده الذين آمنوا به .. ثم إن هذا البدء مناسب لما سيجيئ بعد هذا ـ فى هذه السورة ـ من أحكام ، بدئت بتلك التي تتصل ببهيمة الأنعام ، وما أحلّ من لحومها ..
وقوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) هو بيان لحلّ الأنعام ، من بين البهائم .. ثم إن هذه الأنعام ليست كلها مما أحلت لحومها .. ولهذا جاء قوله تعالى : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) استثناء مقيّدا لهذا الإطلاق الذي تضمنه قوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ).
وقوله سبحانه : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) هو قيد على هذا القيد وهو أن جميع الأنعام حرّم صيدها ، على الحاج وهو محرم بالحج. ومن هذه الأنعام الظباء ، وبقر الوحش ، وغيرها مما يصاد للأكل ، كالأرانب ، والطيور ..
فالمحرم لا يحلّ له صيد أي حيوان ، سواء للأكل أو لغيره ، وذلك