وقد صدّرت الآيات الثلاث بقوله سبحانه : (يُرِيدُ اللهُ) ، وفى ذلك ما يلفت النظر ، ويدعو إلى التوقف والتأمل ..
فإرادة الله سبحانه وتعالى ، نافذة ، لا مردّ لها ، ولا معوق لنفاذها وإمضائها على الوجه الذي أراده ..
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٨٢ : يس) وقد تعلقت بإرادة الله هنا أمور ، تضمنتها الآيات الثلاث هى :
أولا : بيان الأحكام ، ووضع الحدود للمسلمين بين الحلال والحرام : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ).
ثانيا : أخذ المسلمين بالسنن التي أخذ الله بها الأمم من قبلهم ، يبيّنها الله لهم ويهديهم إليها : (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
ثالثا : التوبة على المسلمين ، مما ارتكبوا من آثام وخطايا .. (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ).
رابعا : التوبة التي يريدها الله للمسلمين ، يعارضها من جانب آخر ، المفسدون وأصحاب الأهواء ، إذ يريدون لهم الميل عن الصراط المستقيم الذي دعاهم الله إليه ، وانحرافهم انحرافا حادا عنه. (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) خامسا : التخفيف عن المسلمين فيما أخذهم الله به من أحكام ، حيث أنه سبحانه وتعالى يعلم ما فى الإنسان من ضعف ، وما فى كيانه من قوى تنزع به إلى التخفف من أوامر الله ، والتحلل من نواهيه .. (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً).
والسؤال هنا : ماذا عن هذه المتعلقات التي تعلقت بإرادة الله؟ وهل هى ماضية نافذة؟.
وهل لو كانت قد مضت ونفذت ، أكان فى المسلمين المخاطبين بكلمات الله هذه ، منحرف أو ضال؟