عليهم .. كما يقول سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) (٢٥ : الشورى) ويقول جل شأنه : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٨٢ : طه).
وفى الإنسان نوازع تنزع به إلى الهوى ، وتدفعه إلى الخروج على الطريق المستقيم ، الذي دعاه الله إليه .. وفى محيط الإنسان شياطين من الإنس والجن ، توحى إليه بالشر ، وتوسوس له بالسوء ، فيلتقى ذلك مع أهوائه ونوازعه ، وهنا يقع الصراع بين ما فى قلبه من إيمان وتقوى ، وبين هذه القوى المسلطة على إيمانه وتقواه .. فيكسب المعركة أو يخسرها ، حسب بلائه فيها ، وبذله لها. وبهذا يكون النصر محسوبا له ، على حين تكون الهزيمة محمولة عليه .. وفى هذا يتفاوت الناس ، ويختلفون منازل ودرجات عند الله ، كلّ حسب عمله وبلائه.
وأمّا إرادة التخفيف عن المسلمين ، فيما أخذهم الله به من أحكام ، فهى من حكمة الله ، ورحمته ، ليس لأحد أن ينازع الله فى حكمته ، أو يمسك عن عباده مواطر رحمته .. لأنه لا متعلق لأحد بهذه الإرادة ، ولا مطلوب فيها لأحد .. إنها خالصة من الله ، لعباد الله.
فالإرادة الإلهية ، تكون تارة بمعنى الطلب ، وهو أن يطلب الله سبحانه وتعالى من عباده أمرا ، يدعوهم إلى تلبيته ، والاستجابة له ، لما فيه من خيرهم ، وإسعادهم .. وهذا الطلب من الله ، لا إلزام فيه ، ولا قهر معه .. (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (٢٩ : الكهف).
وتارة تكون الإرادة الإلهية بمعنى القضاء والحكم ، وتلك إرادة نافذة لا تردّ .. (سُبْحانَهُ ، إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٥ : مريم) .. (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٢٢ : التوبة).