اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣٢)
____________________________________
التفسير : فى الآية قبل السابقة ، دعا الله سبحانه وتعالى إلى صيانة الأموال ، وإلى قتل الأهواء ، التي تنزع بالنّاس إلى أكل أموال بعضهم بعضا بالباطل.
وإذ كان المال ـ كما أشرنا إلى ذلك من قبل ـ هو القوة المحركة ، للناس ، كما أنه هو القوة الدافعة إلى عدوان بعضهم على بعض ، فإن الإسلام قد أولى المال عناية خاصة ، وحرسه وحرس الناس ، من دواعى الفساد التي تدبّ إليه وإليهم ، فينقلب هو إلى نقمة بعد أن كان نعمة ، ويتحول الناس إلى وحوش ضاربة ، بعد أن كانوا بشرا سويا ، أرادهم الله لعمران الحياة ، وخلافته على هذه الأرض.
وفى هذه الآية وجه آخر من الوجوه التي يكشفها الإسلام للمال ، ويكشف منه الداء الذي لو لم يتنبه الناس إليه ، لأفسد حياتهم ، واغتال أمنهم واستقرارهم.
وهذا الوجه هو تفاوت الناس فيما يقع لأيديهم من مال ، هذا التفاوت الذي قد تبعد مسافاته من بين يملك القناطير منه ، ومن لا يملك شيئا .. فيكون فى الناس الغنىّ الواسع الغنى ، الذي يكاد يموت كظّة وتخمة ، والفقير الذي يوشك أن يموت جوعا ومسغبة.
ولا شك أن هذا وضع من شأنه أن يثير فى النفوس ـ نفوس الفقراء والمحرومين ـ مشاعر الحسرة والألم ، ونوازع الضغينة والحسد ، على أولئك الذين يملكون ولا يعطون ، ويموتون تخمة ويضنون بلقيمات تمسك رمق أولئك الذين يموتون جوعا ـ الأمر الذي إذا استشرى فى الجماعة ، وتسلط على