تفكيرها وشعورها ، أثار فيها عواصف الفرقة ، التي قد تصل إلى التناحر والقتال!
وقد جاء الإسلام إلى الأغنياء بوصاياه التي تجعل من أموالهم التي فى أيديهم حقوقا لإخوانهم الفقراء ، إن قصّروا عن الوفاء بها كانوا بمعرض من نقمته وبلائه فى الدنيا ، وعذابه الأليم لهم فى الآخرة .. وكان من نقم الله عليهم فى الدنيا أن يسلط عليهم الفقراء ، فيفسدوا حياتهم ، ولا يقيموهم فيها على جناح أمن وطمأنينة!
ثم جاء الإسلام من جهة أخرى إلى الفقراء ، فكانت وصاته لهم ألّا ينفسوا على الأغنياء ما فى أيديهم ، وألا يحسدوهم على هذا الذي نالوه من حظوظ الدنيا ، وأن يروّضوا أنفسهم على الصبر على ما قسم الله لهم ، بعد أن يعملوا فى كل وجه متاح لهم من وجوه العمل ، وأن يأخذا بما دعا الله عباده إليه من السّعي والجدّ لتحصيل الرزق : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) (١٥ الملك).
فإذا أخذ الأغنياء بما وصّاهم الله به من رعاية حقوق الفقراء ، وأخذ الفقراء ، بما دعاهم الله إليه من غض أبصارهم عما فى أيدى غيرهم ، مما لم تنله أيديهم ـ إذا أخذ هؤلاء وهؤلاء بما وصاهم الله به ، التقوا جميعا لقاء الأخوة ، لقاء المودة والحبّ ، وصلح أمرهم جميعا ، فلا يذهب الغنىّ بغناه ، ولا يستبدّ به ، ولا ينطوى الفقير مع فقره ، ويموت به! هذا هو الوجه الذي نفهم عليه قوله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ). وإن كان للآية وجوه أخرى كثيرة بعيدة عن جوّ الآية ، قد فهمها عليه أكثر المفسرين.
وفى قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) ما يكمل الصورة التي فهمنا عليها صدر الآية .. ففى قول الله :