(لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) هذا ، دعوة إلى الكسب ، وإلى السعى الجادّ فى وجوه الرزق. دعوة للرجال وللنساء معا ..
فالعمل ، والعمل وحده ، هو وسيلة الرزق الطبيعية ، ومن لا يعمل ، فقد تمنّى على الله الأمانى ، وفرض على الناس أن يعملوا ، وهو متدثر بثوب الكسل والخمول ، لينال من ثمرة عملهم ، ويعيش من عرق جبينهم ، وهذا عدوان على المجتمع ، كما هو عدوان على نفسه وظلم لها ، إذ رضى أن يكون عالة على الناس ، وكائنا غريبا يعيش فيهم ، كما تعيش الحشرات .. وفى ذلك إهدار لآدميته ، وتضييع لكرامته!!
وليس أبرّ بالإنسانية ، وأرعى لكرامتها ، من دعوة الإسلام تلك ، إلى العمل والكسب ، حتى المرأة ، لم يعفها الإسلام من العمل إذا لم يكن من ورائها زوج ، أو ولد ، أو أخ .. يقوم بمطالبها ، ويسد حاجتها ..
وفى قوله تعالى : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) تأكيد للدعوة إلى العمل ، والسعى فى طلب الرزق ، والأخذ بأسبابه من وجوهه المشروعة ، فإذا كان ذلك ، كان للإنسان أن يسأل الله العون والتوفيق ، فما الرزق الذي يرزقه العاملون إلّا من فضل الله .. أما أن ينصرف الإنسان عن العمل ، ولا يأخذ بأسباب الرزق ، ثم يدعو الله أن يرزقه ، فقد ضلّ الطريق إلى الله ، وقطع بينه وبين ربّه الأسباب.
ولمحة مشرقة نلمحها فى قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) وهذه اللمحة تكشف لنا عما فى كلمة «نصيب» من معطيات ، تملأ القلب جلالا وروعة.
فقد جاءت كلمة «نصيب» مخالفة لما نتوقع فى هذا المقام .. حيث يأخذ الإنسان كلّ ما اكسب ، لا نصيبا مما اكسب ، إذ أنه كسبه كله ليده ..