فكيف تجىء كلمة «نصيب» هنا؟ وما حكمة مجيئها؟
والجواب ، وهو بعض ما نستلهمه منها .. هو :
أولا : أنه إذا كان العامل يأخذه ليده كل ثمرة عمله ، فذلك هو حقّه .. ولكن إذا صار هذا الحق ملكا له ، فإن ملكيته له غير خالصة ، إذ أن فى هذه الثمرة ، أو فى هذا المال حقوقا للغير .. لذوى القربى ، واليتامى ، والمساكين وابن السبيل .. ثم قبل هذا كلّه حق الله ، وهو الزكاة!
فما يكسبه المرء من عمله ليس خالصا له ، وإنما له نصيب فيه ، كما لله ولعباد الله نصيب فيه أيضا ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٢٤ ـ ٢٥ : المعارج)
وهذا ما ينبغى أن يقع فى شعور صاحب المال ، وأن يتصرف فى ماله بمقتضى هذا الشعور .. وإلا كان معتديا على حقّ الله ، وحق عباد الله ..
وثانيا : أنه إذا أدى صاحب المال حق الله وحق الفقراء والمساكين فى ما له ، كان له الحق فى أن ينفرد بنصيبه هو ، وأن ينال به ما أحل الله من طيبات ..
وهذا شعور ينبغى أن يستشعره الفقراء حيال الأغنياء ، الذين يؤدون ما فى أموالهم من حقوق ، وعلى هذا ، يجب ألا ينظر الفقراء إلى الأغنياء ، وما ينالون من نعم الله ، نظرة حسد ، أو حنق .. وإلا كانوا ظالمين معتدين!! فإن من حق العامل أن يذوق ثمرة عمله ، وألا يحول بينه وبينها من لا ثمرة لهم ، ممن لا يعملون ، والله سبحانه يقول : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ). وما العلم إلا ثمرة من ثمار العمل.
ذلك هو حكم الله فى عباده ، يأخذهم به فى الدنيا ، وينزلهم عليه فى الآخرة!.