التفسير : قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) هو نداء مطلق لأهل الكتاب ، وخاصة اليهود ، وليس المراد بهذا القول أن يلقاهم النبىّ به ، وأن يبلغهم إيّاه ، وإنما هو قول موجّه إلى النبىّ وإلى المؤمنين. تنكشف به حال أهل الكتاب ، وموقفهم العنادىّ من المؤمنين .. وليس يمنع من هذا أن يستمع اليهود إلى هذا القول ، وأن يعرفوا رأى القرآن فيهم ، إذ كانوا دائما يتتبعون أخبار النبىّ وما ينزل عليه من كلمات ربّه ، ليبحثوا فيها عن شبهة ، يضلّون بها المؤمنين ، ويفتنونهم فى دينهم ..
وفى هذه الآية يرى المؤمنين أن هذا الموقف العنادىّ من أهل الكتاب الذي يقفونه منهم ، لا سبب له ، إلا إيمان المؤمنين بالله ، وما أنزل عليهم من قرآن ، وما أنزل على النبيين قبلهم من كتب الله .. ذلك فى حين أن أكثر أهل الكتاب «فاسقون» أي خارجون على دين الله ، منكرين أو متنكرين لرسل الله وكتب الله ..
تلك إذن هى أسباب هذه الحرب الخبيثة التي يعلنها اليهود على المؤمنين .. إنها عداوة بين المؤمنين وغير المؤمنين ، بين من استجاب لله ورسله ، ومن حادّ الله ورسله.
وقوله تعالى : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ) الإشارة هنا إلى موقف أهل الكتاب هؤلاء ، ونقمتهم على المؤمنين ، لا لشىء إلا لأنهم مؤمنون .. وهذا موقف يورد صاحبه موارد البوار والهلاك ، وهذا هو المصير الذي سيصير إليه المعاندون من أهل الكتاب ، الذين وقفوا من النبىّ ومن دعوته إلى الإيمان بالله ، هذا الموقف .. ثم إذ يعرض القرآن اليهود المعاصرين للنبوة فى هذا المعرض ، ينتقل بهم فى لمحة خاطفة تردّهم إلى الماضي البعيد ، وتشرف بهم على آبائهم وأجدادهم ، الذين كان لهم موقف من رسل الله كهذا