حتى يطمئن إليهم المؤمنون ، ويأمنوا جانبهم .. وهم على الحقيقة ليسوا من الإيمان فى شىء ..
وفى قوله تعالى : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) تغليظ لكفرهم ، وتجسيم له ، لكثافته ، وإطباقه عليهم ، حتى لكأنه يكاد يكون كائنا محسوسا ، يعيش معهم كما يعيش بعضهم مع بعض .. (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) .. إنه أشبه بالوليد تحمله أمّه على صدرها ، حتى لكأنه قطعة منها ، تغدو به ، وتروح به ، لا تدعه بعيدا عنها لحظة واحدة .. وقد حسبوا أنهم أخفوا هذا الكفر الذي يحملونه فى صدورهم ، ولكن الله أعلم بما يكتمون ، لا تخفى على الله منهم خافية.
قوله تعالى : (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) أي أن كثيرا من هؤلاء اليهود ، يأتون المنكرات فى غير تحرّج أو تأثّم ، بل يفعلونها وكأنها قربات يتقربون بها إلى الله .. فهم يلقون بالكلمات الكاذبة ، الآثمة وكأنّهم يرتّلون مزمارا من مزامير داود ، وهم يعتدون على حرمات الله ، ويستبيحون محارمه ، وكأنهم يتناولون طعاما شهيا ، على جوع وحرمان ، وهم يأكلون أموال الناس بالباطل ، وكأنها مائدة عيسى المنزلة عليهم من السماء!
وهذا كله يكشف عن ضمائر ميتة ، ومشاعر متبلّدة ، لا تتأثّم من إثم ، ولا تعفّ عن محرّم.
وفى قوله تعالى : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) حكم يدين أفعالهم تلك ، ويدمغها بالسوء ، الذي يردى أهله ، ويهلك المتلبّسين به.
وقوله تعالى : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) هو تشنيع على علماء اليهود ، وأهل الرأى فيهم ، وأنّهم لا ينكرون