لغير العاقل ، معدول به عن «من» التي يقع فى حيزها العقلاء ، وهن النساء المرغوب فى الزواج منهن.
وفى اختيار النظم القرآنى لهذا الأسلوب إعجاز من إعجازه .. فإن ما فى كلمة «ما» من التجهيل والتفخيم ، ما يلقى إلى شعور الرجال إحساسا بعظم الأمانة ، التي سيحملونها بهذا الزواج الذي هم مقدمون عليه ، وبأنه نعمة عظيمة من نعم الله ، لمن يعرف كيف يكشف أسرارها ، ويتعرف على مواقع الخير فيها ..
فالمرأة عالم رحيب ، أشبه بالبحر ، تكمن فى أعماقه اللآلئ والدرر ، كما تضطرب فى كيانه الحيتان والأخطبوطات .. والصيد فى هذا البحر يحتاج إلى مهارة وكياسة ، وإلا وقع المحذور وساءت العاقبة ..
هذا وقد حمل كثير من المفسرين قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) على نكاح «المتعة» وأن قوله تعالى : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) هو إشارة إلى الثمن الذي يقدمه الرجل للمرأة فى مقابل الاستمتاع بها!
والآية الكريمة فى منطوقها لا تعطى هذا المفهوم ، الذي فوق أنه ـ فى وضعه هذا ـ عنصر دخيل على القضية التي أمسك القرآن الكريم بجميع أطرافها هنا ، وهى قضية «الزواج» وما أحل الله وما حرّم على الرجال من النساء ـ فوق هذا فإن هذا المفهوم يناقض قوله تعالى (فَرِيضَةً) الذي هو وصف ملازم للمهر الذي أشار إليه سبحانه بقوله : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) .. كما أنه يناقض قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) (٧ : المؤمنون) والمرأة المتمتع بها ليست زوجة ، لأنها لا تحسب فى الأربع المباح للرجل الإمساك بهن ، ولا ترث المتمتع بها ولا يرثها ، كما أنها ليست ملك يمين لمن يتمتع بها ..