الإنسان وربّه ، أو أن يمدّ يده إلى الإيمان الذي سكن قلبه فينتزعه منه ، فذلك لا سلطان لأحد عليه ، وإنما أمر ذلك كله إلى الإنسان نفسه ، وإلى ما فى قلبه من إيمان .. إن شاء أمسك هذا الإيمان ، وإن شاء أرسله!
فإذا آمن الإنسان بالله ، وتعبّد لله .. كان عبدا ربّانيا ، يجيب دعوته ، ويمتثل أمره ..
وفى قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أمر من أمر الله ، ووصاة من وصاياه ، بل هو الأمر الأول ، والوصاة الأولى ، بعد الأمر بالإيمان به ، والوصاة بعبادته وطاعته .. فالإحسان إلى الوالدين حقّ من حقوقهما على المولودين ، إذ كان لهما أثر فى وجود الأبناء ، وفى البلوغ بهم مبلغ الحياة.
وقوله سبحانه : (وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
يبين به الله سبحانه أصحاب الحقوق الواجبة على الإنسان نحوهم ، إمّا لصلة قرابة تجمعهم إليه ، وتجعلهم بعضا منه ، أو تجعله بعضا منهم .. وإما لصلة إنسانية عامة ، تلك الصلة التي تقوم على أساس أن الفرد عضو فى الجسد الاجتماعى كلّه ، وأن كل عضو سليم فى هذا الجسد من واجبه أن يحمل بعض أعباء الأعضاء المريضة فيه ، شأن الجسد حين تضعف فيه حاسة ، أو تعجز عن العمل ، فتتولى أقرب الحواس إليها ، وأشكلها بها ، أداء وظيفتها بوجه أو بآخر حتى يستقيم للجسد أمره ..
فذوو القربى .. هم من الإنسان وهو منهم .. ولهم على الإنسان أكثر من حق .. حق القرابة ، وحق الإنسانية.