المؤمنين فى درجة تسمح بالمفاضلة بينهم وبين كبار الكافرين وسادتهم ، وإنما الذي يمكن أن يسمح به فى المفاضلة بين المؤمنين والمشركين ، هو هذا المستوي الذي عليه عامة الكافرين ، لا خاصتهم ..
فاليهود إذ يتحدثون إلى رءوس الكافرين لا يقولون لهم أنتم أهدى سبيلا من المؤمنين ، بل يشيرون إلى عامة الكافرين ، خارج هذه المجموعة ، ويقولون لهم : «هؤلاء» أي جماعتكم جميعا .. (أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) أما أنتم ، فشتان ما بينكم وبينهم!
وإذ استباح القوم الزور ، واستمرءوا الحياة معه .. فهيهات أن يقف بهم عند حدّ!
وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً). هو إشارة لليهود الذين شهدوا تلك الشهادة الباطلة ، ونطقوا بها زورا وبهتانا ، وهو فى مقابل مقولة اليهود عن الكافرين : (هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) حيث أشاروا إلى الكافرين ، وحكموا لهم بهذا الحكم المبنىّ على الزور والبهتان .. فأشار الله إليهم ، بهذا الحكم القائم على العدل والردع ، لهذا الجرم الذي اقترفوه ، وهذا الضلال الذي غرقوا فيه ، وأغرقوا غيرهم معه .. (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).
واللعنة دائما حيث كانت ، فهى لليهود ، وعلى اليهود ..!
وقوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) هو إعلان عن هذا الطبع اللئيم الذي يغلب على اليهود ، وهذا الداء الخبيث الذي يغتال كل معالم الإنسانية فيهم ..
فالشحّ هو الطبع الغالب عليهم ، لا تندّ من أيديهم ذرة خير لأحد ، لما انطوت عليه نفوسهم من كراهية للناس جميعا .. حيث يجدون الراحة والرضا