كان لمن تحت ولايتها أن يراجعوها ، وأن ينصحوا لها ، وأن يعملوا على تبصرتها بالطريق القويم ، الذي فيه خير الجماعة كلها ..
فإن كان خلاف بين أولى الأمر ، وبين من فى ولايتهم ، ولم يلتقوا عنده على كلمة سواء .. كان الحكم بينهم فى هذا ، كتاب الله وسنّة رسول الله ، فذلك هو الميزان العدل ، الذي توزن به الأمور ، وما يقضى به هنا كان هو الحق والخير ، وكان التزامة أمرا واجبا .. من أباه ، وخرج عليه ، كان متعديّا حدود الله ، آثما ظالما .. تجرى عليه أحكام الآثمين الظالمين ..
وفى قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ما يشير إلى احتمالات النزاع المتوقعة بين أولى الأمر ومن فى ولايتهم ، وأن ذلك أمر غير مستبعد ، بين الناس والناس.
فإذا وقع نزاع فى أمر ما ، كان ردّه إلى حكم الله ورسوله أمرا واجبا على المؤمنين ، وكان الله سبحانه وتعالى هو وليّهم جميعا ، وكانت شريعته لهم ، هى الدستور الواجب اتباعه ، والاحتكام إليه فيما يقع بينهم من خلاف .. فمن كان مؤمنا بالله واليوم الآخر ، استقام على شرع الله ، ووقف عند حدوده ، وخضع لحكمه.
وفى قوله تعالى : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) إشارة إلى أن الرجوع عند الخلاف إلى ما قضى به كتاب الله وسنة رسوله ، هو الطريق المأمون ، الذي يسلم المختلفين إلى يد الوفاق والسلام ، حيث كان احتكامهم إلى أحكم الحاكمين ، الذي يحكم بين عباده بالحق ، فلا ميل مع هوى ، ولا محاباة لكبير