«ونعمّا» هى فعل مدح ، أصله «نعم» و «ما» التي هى نكرة بمعنى شىء ، ليفيد هذا التنكير التعميم والشمول .. فكل ما يعظنا به الله ، ويدعونا إليه هو خير ، وخير مطلق.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) هو استنجاز آخر لأداء بعض ما يتعلق بالأمانة الكبرى التي حملها الإنسان ، وهو طاعة الله والرسول ، وأولى الأمر .. فالانقياد لله هو المظهر العملىّ الواضح لأداء هذه الأمانة ، وغير هذا الانقياد هو التضييع للأمانة ، والعدوان عليها ..
والانقياد لله يتبعه الانقياد لرسول الله .. إذ كان هو السفير بين الله وبين عباده ، وهو الحامل لكلمة الله إليهم ، والمؤذّن بها فيهم .. فلا انقياد لله لمن لا ينقاد لرسول الله ..
وأولو الأمر .. هم من يلون أمر الإنسان ، ويقومون على رعاية مصالحه ، من آباء ، وقادة ، وحكام .. وغيرهم ، ممن لهم على الإنسان سلطان أدبى أو مادىّ.
والانقياد لأولى الأمر ليس انقيادا مطلقا ، بل هو انقياد محكوم بحدود العدل ، والخير ، والإحسان ..
ولهذا كانت طاعة الوالدين ـ وهما فى المقام الأول من أولى الأمر ـ قائمة على سنن المعروف ، فإن دعوا إلى منكر ، فلا طاعة لهما ، وفى هذا يقول الله تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) (١٥ : لقمان).
فالولاية إذا لم تكن ولاية راشدة حكيمة ، مستقيمة مع العدل والإحسان