الإنسان ، حين ينتقل إلى الدار الآخرة ، حيث يشهد الوجود على غير ما يقع لحواسه ومدركاته وهو فى هذه الدنيا.
وهذا يعنى أن الإنسان بعد أن يفارق هذا الجسد ، يعود إلى عالم الرّوح ، فينطلق من أسر هذا الجسد المحدود ، ويسبح فى عالم ماوراء المادة ، وهناك يرى الأرض ، والسماء غير السماء .. كما يقول سبحانه : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٨ : إبراهيم) .. فهذا التبدل هو تبدّل فيما يقع على تصورات الإنسان ومدركاته ، بانتقاله من العالم المادي إلى العالم الروحي .. وإلا فإن العوالم ثابتة على ما أقامها الله سبحانه وتعالى ، فى هذا النظام المحكم.
فالأمر إذن ، ليس كما يتصور الذين أخذوا أوصاف يوم القيامة التي جاء بها القرآن ، على هذا التصور الذي تذهب به معالم الوجود كلّه ، وتنقلب أوضاع السموات والأرض ..
وكلّا ، فإن هذا الوجود العظيم ، ليس للإنسان ، ولا من أجل الإنسان ، وإنما الإنسان ذرة من ذراته ، وشىء من أشيائه .. وإن التغير والتبدل واقع عليه هو ، فتتغير لذلك مدركاته ، ويرى الوجود ، والموجودات بعين غير التي يراها عليه ، وهو فى هذا الكيان المادي .. وذلك يوم يكشف هذا العطاء المادىّ ، الذي يحجب نظر الإنسان ، ويحصره فى هذه الدائرة المحدودة الضيقة ، وعندئذ يرى ما لم يكن ليراه فى عالمه المادىّ ، كما يقول سبحانه : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢ : ق).
وإذا صحّ الحديث الذي يروى عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «من مات فقد قامت قيامته» فهذا يعنى أن كل من مات وانتقل إلى العالم الآخر ، يرى الوجود قائما على هذه الصورة التي يصوّر فيها القرآن مشاهد القيامة ، وما يتبدل