ـ وقوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي مثل هذا البيان الجلىّ الواضح ، يبين الله لكم الآيات ، ويجىء بها محكمة ، لا تحتاج إلى تأويل ، حتى تأخذوا بها ، وتستقيموا عليها .. (وَاللهُ عَلِيمٌ) بما يصلح حياتكم (حَكِيمٌ) فى وصف الدواء لكل داء ، يعطى منه بالحكمة ، دون إفراط أو تفريط ..
قوله تعالى :
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
أي أن هؤلاء الأطفال ، الذين أذن لهم بالطواف عليكم من غير استئذان فى كل وقت ، ما عدا هذه الأوقات الثلاثة ـ هؤلاء الأطفال إذا زايلتهم صفة الطفولة ، وبلغوا الحلم ، ودخلوا مدخل البالغين ـ من رجال ونساء ـ أخذوا بحكمهم ، وأصبح لزاما عليهم أن يستأذنوا فى جميع الأوقات ، لا فى هذه الأوقات الثلاثة وحسب ..
ـ وفى قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) إشارة إلى أن هذا الأمر وإن كان واضحا ، من حيث أن الطفولة هى التي قضت بإعفاء الأطفال من الاستئذان فى غير هذه الأوقات الثلاثة ، فإذا زايلتهم الطفولة زايلهم حكمها الذي ترتب عليها ـ إلا أنه يمكن لمتأول أن يتأول الطفولة بأنها البنوّة ، ومن ثم فإن أبناء الرجل أو المرأة إذا بلغوا ، ظلّ هذا الأعفاء ملازما لهم .. فكان هذا البيان الحكيم ، وضعا للأمر فى موضعه الصحيح ، وقاطعا الطريق على كل تأويل ، إذ كان الأمر من عظم الشأن بحيث يجب كشفه وبيانه على هذه الصورة الواضحة ، حتى لا يقع فيه لبس أو خفاء ..