كذبا ، وبهتانا .. فالحكم عام ، قائم أبدا الدهر ، وإن كان مساقا فى معرض الحديث الآثم ، الذي رميت به أم المؤمنين من المنافقين والذين فى قلوبهم مرض. وأنه إذا كان أناس ممن خاضوا فى هذا الحديث قد تابوا ، وأنابوا إلى الله ، واستغفروا لذنبهم ، فقبلهم الله ، وغفر لهم ـ فإن هناك أناسا آخرين ، قد هلكوا بهذا الحديث ، إذ أمسكوا به فى أنفسهم .. فهؤلاء : (لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
قوله تعالى :
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ).
الظرف هنا (يَوْمَ) متعلق بقوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) ، أي لهم عذاب عظيم ، فى الآخرة ، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ..
فهؤلاء الذين جاءوا بهذا الإفك ، وماتوا به ، وأبوا أن يشهدوا على أنفسهم فى الدنيا ، وبأنهم كانوا كاذبين مفترين ـ هؤلاء ، ستنطق ألسنتهم فى الآخرة بما أبت أن تنطق به فى الدنيا ، وتقوم شاهدة عليهم بأنهم كانوا كاذبين مفترين ، وإنهم ليؤخذون بإقرارهم هذا ، وبما شهدت به عليهم ألسنتهم ، التي خرست فى الدنيا عن قول الحق ، وانطلقت تهذى وتعوى بالزور والبهتان ..
ثم إلى جانب شهادة ألسنتهم عليهم فى الآخرة بما نطقوا به فى الدنيا من زور وبهتان ـ تقوم أيديهم وأرجلهم شاهدة عليهم بما عملوا من منكر .. فاليدان ، والرجلان شهود أربعة ، تشهد على هذا الادعاء الذي يدعيه اللسان على صاحبه .. وكأن هذا اللسان متهم عند صاحبه ، لأنه لم ينطق أبدا إلا بالزور والبهتان .. فإذا