ففى هذه الأوقات الثلاثة ، يتهيأ الإنسان للراحة والنوم ، ويتخفف كثيرا من ملابسه ومن تحفظه فى ستر عورته ، لأنه على شعور بأنه فى خلوة مع نفسه ، أو مع زوجه ..
ففى هذه الأوقات الثلاثة ينبغى ألا يدخل الموالي ـ عبيدا أو إماء ـ على سادتهم ، من رجال أو نساء ، وكذلك الصغار المميزون من بنين وبنات ـ لا يدخلون على آبائهم أو أمهاتهم ، أو غيرهم ، إلا بعد أن يستأذنوا ويؤذن لهم. وذلك سترا للعورات ، وحفظا للحياء ، وسدّا لذرائع الفتنة.
ـ وقوله تعالى : (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) أي هذه الأوقات ، هى أشبه بثلاث عورات لكم ، ينبغى أن تصونوا فيها أنفسكم عن أن يدخل عليكم أحد فيها إلا بإذن ، حتى أولئك الذين لا تحتشمون لهم ، ولا تتحرجون كثيرا منهم ، وهم الموالي والصغار ..
ـ وقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ ..) أي لا حرج عليكم ولا عليهم ، بعد هذه الأوقات الثلاثة ، فى أن يدخلوا عليكم من غير استئذان .. إذ كان أمركم غالبا فى غير تلك الأوقات ، أقرب إلى التصوّن والتحفظ .. وفى الاستئذان الملزم للموالى والصغار ، فى جميع الأوقات ، كثير من الحرج ، الذي تأباه هذه الشريعة ، وتعفى أتباعها منه ..
وقوله تعالى : (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ). جملة حالية. أي لا جناح عليكم ولا عليهم بعد هذه الأوقات الثلاثة وأنتم طوافون بعضكم على بعض .. فهذا شأنكم وشأنهم ، بحكم المخالطة والمعاشرة .. ومن هنا رفع عنكم وعنهم الحرج ، فى غير هذه الأوقات الثلاثة .. فلكم أن تطوفوا عليهم ، ولهم أن يطوفوا عليكم من غير استئذان!