ومن أجل هذا كان هذا الفصل بينها بتلك الآيات ، التي عرضت مالله سبحانه وتعالى من جلال وقدرة ، وأنه سبحانه نور السموات والأرض ، وما فيهن ، وأن كلّ من فى السموات والأرض يسبح بحمده ، وأن عالم الأحياء خلق جميعه من ماء ، وذلك بقدرة القادر العليم الحكيم .. وأنه كما اختلفت عوالم الأحياء صورا وطبائع ، اختلف الناس عقلا وسفها ، وإيمانا وضلالا .. فكان فيهم المؤمنون المتقون ، وكان منهم الكافرون الجاحدون ، وكان فيهم المنافقون ، الذين يجمعون بين الكفر والإيمان ..
وبعد هذا العرض الممتد المتنوّع ، تجىء هذه الآيات الثلاث ، لتستوفى أدب المعاشرة والمعايشة ، بين الناس والناس ..
وفى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ، وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) ـ فى هذا أمر للمؤمنين ـ من رجال ونساء أن يلزموا مواليهم الذين تحت أيديهم ـ من عبيد وإماء ـ ألا يدخلوا عليهم خلواتهم ، إلا بعد إذن .. وذلك فى ثلاثة أوقات بينتها الآية كما سنرى .. وكذلك تحمل الآية أمرا إلى البالغين الراشدين ـ من أحرار الرجال والنساء ـ ألا يدعوا الصغار ـ من بنين وبنات ـ الذين ، لم يبلغوا الحلم بعد ، ولكنهم يميزون ما للرجل والمرأة ، ويعرفون العورة وغير العورة ـ ألّا يدعوهم يدخلون عليهم فى هذه الأوقات الثلاثة إلا بعد استئذان ، وإذن ..
وهذه الأوقات ، قد بينها الله سبحانه وتعالى فى قوله :
ـ (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ .. وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ .. وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ..)