ويجوز أن يكون المراد (بِالْحَقِّ) هنا ، الحقّ الذي يعلمه النبىّ ، وينتظره من ربّه .. فأل فى «الحق» للعهد ، أي الحق المعروف ، المعهود عند الله ، وليس طلب النبىّ الحكم بالحق إلا إحالة للأمر الذي بينه وبين قومه إلى صاحب الأمر يقضى فيه بحكمه.
وقوله تعالى : (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ).
هو خاتمة هذه السورة ...
وفى هذه الخاتمة ينهى النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ موقفه مع قومه ، مع الضالين والمعاندين ، بأن يتركهم لحكم الله فيهم ، وقضائه بينه وبينهم ، وهو حكم عدل ، وقضاء حق ..
أما ما يجد النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من خلافهم عليه ، واتّهامهم له ، ورميهم إياه بتلك الرّميات الطائشة ، كقولهم عنه : إنه شاعر ، وإنه مجنون ، وإنه ساحر ـ فذلك مما يستعين الله على حمله منهم ، من غير أن يحمل لهم ضغينة ، أو يخرج به ذلك على غير ما يريده من الله لهم ، من هداية ، إلى أن يدعو عليهم ، كما دعا كثير من الأنبياء على أقوامهم ، فأخذوا بعذاب الله ، ووقع بهم البلاء وهم ينظرون .. فما جاء صلوات الله وسلامه عليه إلا رحمة للعالمين ، وهو بهذه الرحمة حريص على أن ينال قومه وأهله حظّهم منها .. فإن لم ينل المعاندين والمنكرين شىء من هذه الرحمة ، فلا أقلّ من ألا يصيبهم عذاب فى هذه الدنيا ، كما أصيبت الأمم الأخرى .. أمّا فى الآخرة فأمرهم إلى الله ، يحكم فيهم بما شاء ، وهو أحكم الحاكمين ..
ولقد مضى النبىّ فى طريق دعوته ، صابرا ، مصابرا ، يلقى المساءة بالإحسان