رقاب هؤلاء الفتيات (الإماء) بتزويجهن إذا رغبن فى الزواج. ليتحصّن به ، وليحفظن فروجهن .. فهذه الإرادة منهن للتحصن بالزواج ، شاهد مبين على صلاحهن ، وسلامة إيمانهن ، وأنهن يرغبن عن الحياة الطليقة ، التي يعيش فيها الإماء ، مستباحات الأعراض .. إنهن بهذا الزواج الذي يرغبن فيه ، يردن قيدا يقيّد خطوهن المطلق فى عالم الخطيئة .. وهذا لا يكون إلّا من أمة تشعر بإنسانيتها ، وتخاف الله فى عرضها ..
فالإمساك بالإماء اللاتي يرغبن فى الإحصان بالزواج ـ الإمساك بهن عن الزواج ، هو فى الحقيقة ـ إكراه لهن على البغاء .. إذ لا سبيل إليهن ـ وهن رقيقات ـ إلا البغاء ، رغبن فى هذا ، أو لم يرغبن .. إذ لا حجاز بينهن وبين من يريدهن ..
ويكون تحرير معنى الآية هكذا :
(وَلا تُكْرِهُوا) أيها المؤمنون (فَتَياتِكُمْ) أي إماءكم اللاتي يرغبن التحصن بالزواج ـ لا تكرهوهن (عَلَى الْبِغاءِ) وتحملوهن عليه حملا ، بمنعهن من التزوج ..
وفى قوله تعالى : (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) إشارة إلى العلة التي قد تحول بين السيد ، وبين إجابة رغبة أمته أو إمائه فى التحصن بالزواج .. وذلك لما تشغل به الأمة عن سيدها ، بزوجها ، وبالحمل ، والرضاعة ، وغيرها ، الأمر الذي يخفّ به ميزانها فى خدمة سيدها ، وينزل به قدرها عند بيعها ..
وهذا المقطع من الآية هو الذي حمل المفسرين على القول بأن الإكراه مراد به الإكراه على الزنا ، وجلب المال لأسيادهن من هذا الوجه .. وقد رأيت تأويلنا لهذا المقطع ، واتساقه مع المعنى الذي ذهبنا إليه ..