فهذه البيوت ، لها حرمتها ، ولأهلها الذين هم فيها علاقة مودة وقربى بمن يدخلون عليهم فيها .. ومن أجل هذا كان التسليم على أهلها ، وصلا لهذه المودة ، واستدعاء لهذه القرابة ، التي تجمع المسلمين جميعا ..
ـ وفى قوله تعالى : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) إشارة إلى أن الذي يدخل هذه البيوت ، هو بعض ممن فيها. وأنه وقد دخلها ـ سواء أكان قريبا ، أو صديقا ، أو غير قريب أو صديق ـ فقد صار من أهلها ، وصار أهلها منه .. وهكذا يصبح بيت كل مسلم بيتا لكل مسلم!
وفى قوله تعالى : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً) هو مفعول مطلق لقوله تعالى : (فَسَلِّمُوا) الذي ضمّن معنى : (فَحَيُّوا) أي فحيوا أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ، هى تحية الإسلام .. أي «السلام عليكم» .. ففى هذه التحية البركة ، والطّيب ، لما تشيع فى النفوس من أمان وسلام ، ومودة وإخاء ..
هذا ويجوز أن يكون (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) منصوبا بفعل محذوف ، تقديره ، فسلموا على أنفسكم ، وتقبلوا تحية من عند الله مباركة طيبة ..
وفى قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ..) وفى جعل فاصلة الآية (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) إشارة إلى أن فى هذه الآية معانى دقيقة تحتاج إلى روية وتعقل ، لإدراك مراميها البعيدة ، وأسرارها العظيمة .. وحسب المرء أن يدبر عقله ، إلى تلك الرعاية التي أوجبها الإسلام على المسلمين فى حق أصحاب العاهات ، والمرضى ، الذين هم الأعضاء الضعيفة فى المجتمع ، تلك الأعضاء التي ينبغى أن تكون موضع رعاية ، وعناية ، كما يرعى الإنسان بعض أعضائه ، إذا أصابها مكروه ..!