لتنتفع بها الدعوة الإسلامية ، فى مقام الدعوة إلى الله ، والتعرّف عليه .. وليس يعنيه ـ فى هذا المقام ـ أن يكون الحدث مدوّيّا صارخا ، أو مزلزلا عاتيا ، بقدر ما تعنيه الدلالة التي يدلّ عليها ، والعظة التي تتكشف للناس منه.
ولا شك أن هذه الأحداث والوقائع التي يقتطعها القرآن الكريم من «شريط» الحياة ، هى الصدق الخالص ، والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. يقتطعها القرآن .. زمانا ، ومكانا ، وأشخاصا ، وملابسات .. ثم ينفخ فيها نفخة الحياة ، فنبعث من مرقدها ، وقد تساقط منها ما جفّ من أوراقها ، وما ذبل من أغصانها ، وإذا هي ثمر دانى القطوف ، نأخذه العين وتشتهيه النفس ..
وإذن ، فليس تخليص القصص القرآنى من الزوائد والحواشي التي لا تغنى شيئا في تصوير الحدث ، وعرضه في معرض الاعتبار والعظة ـ ليس هذا التخليص إلا عملية غربلة وتصفية ، غايتها تنقية الحدث من الشوائب ، وتخليصه من الغثاء والزّبد ، ليصفو مورده ، ويسوغ مذاقه للواردين ـ وليس ذلك عن عجز أو غفلة ، عن جميع الملابسات التي انصلت بالحدث من جميع جهاته ، والتقت به من قريب أو بعيد.
وهذا التصرف الذي كان من صنيع القرآن الكريم ، فى عرض الأحداث وفي أخذ بعضها ، والإعراض عن بعض ـ هذا التصرف لا يصح أن يكون مسوغا لقائل أن يقول : إن القرآن ـ وقد أباح التصرف على أي وجه من الوجوه ـ قد أدخل في القصص القرآنى ما ليس من صميم الواقع ، وأنه غير وبدّل فى معالمه ..
فهذه مغالطة سفيهة ـ كما قلنا ـ لأن ما جاء به القصص القرآنى ، هو