لم يجد القلوب الواعية الفاقهة .. وفي هذا يقول الغزالي :
غزلت لهم غزلا رفيعا فلم أجد |
|
لغزلى نسّاجا فكسّرت مغزلى |
وقد كانت قلوب كثير من المشركين من هذه القلوب المغلقة ، التي لا تقبل الهدى ، ولا تطمئن إليه .. فكانوا يستمعون إلى كلمات الله دون أن ينفذ إلى قلوبهم شىء من شعاعها السنىّ الوضيء .. وفي هذا يقول الله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (٥٧ : الكهف)
إن بين الأذن والقلب ما بين الماء والأرض .. فإذا نزل الماء بالأرض الصلد ، زال عنها ، وأخذ طريقه إلى غيرها ، وإذا نزل بالأرض الطيبة ، سكن إليها ، فاهتزت به ، وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج .. وكذلك كلمات الله ، إذا مرت بالقلوب القاسية المظلمة ، لم تترك فيها أثرا ، ولم تثر منها إلا ما كمن فيها من ظلم وظلام ، كما يقول سبحانه : (كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) «٢٠٠ : الشعراء» أما إذا نزلت هذه الآيات في القلوب السليمة ، الطيبة ، هشّت لها ، وغردت بلابل أيكها لهذا الحيا الذي يحيى موات القلوب! (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ .. أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (٢٨ : الرعد).
فالقلوب ، هى مستودع المعتقدات ، وموطن المعقولات ، من كل طيب وفاسد ، وصحيح ، وسقيم .. ولهذا كان نطق الأعراب بكلمة الإسلام ، دون أن تسكن هذه الكلمة إلى مكانها من قلوبهم ـ كان هذا مجرد مدخل يدخلون به إلى الإسلام ، فتعصم به دماؤهم وأموالهم ، أما الإيمان ، فليس لهم بعد نصيب منه ، حتى يدخل الإيمان في قلوبهم .. وفي هذا يقول الله تعالى :