وإيمانهم به مباشرة. وإنما كان ذلك بعد زمن ، رأى فيه فرعون هذه الآيات من النقم والبلايا. حتى إذا بلغ الكتاب أجله ، أمر الله موسى أن يسرى بقومه ليلا وأن يخرج بهم من مصر.
ـ وفي قوله تعالى : (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) إشارة إلى أن يأخذ موسى وقومه حذرهم ، وأن يخرجوا من مصر في خفية وحذر ، فإن عيون فرعون ترقبهم ، ولهذا جاء الأمر بأن يكون خروجهم ليلا ، من غير أن يراهم أحد ..
قوله تعالى :
(فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ* إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ* وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ* وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) ..
لقد كان فرعون في أثناء هذه البلايا التي صبت عليه ـ يعدّ العدة ليضرب بني إسرائيل ضربة قاضية ، فأرسل رسله في البلاد يغرون الناس ببني إسرائيل ، ويحذرونهم الشر الذي ينجم عن وجودهم بينهم ، وأن هذه الجماعة ، وإن كانت شرذمة ، أي جماعة مفرقة ، متناثرة هنا وهنا ـ إلا أنه يجب الحذر منها ، والانتباه إلى خطرها ..
قوله تعالى :
(فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ* كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ).
يكاد يجمع المفسرون هنا على أن إخراج فرعون وقومه من هذه الجنات والعيون ، إنما كان بغرقهم وهلاكهم ، حين تبعوا بني إسرائيل ، وعبروا وراءهم البحر ، فأطبق عليهم وأغرقهم .. ثم يقولون : إن بني إسرائيل قد عادوا إلى مصر مرة أخرى ، بعد أن رأوا ما حلّ بفرعون وقومه ، وأنهم ورثوا ما كان في يد فرعون وقومه!