يكونون عليهمالسلام كتبوها على الترتيب العثماني حفاظاً على وحدة الصفّ الإسلامي في القرآن مع علمهم وعلم الجميع بأنّ السور المكية هي أقدم نزولاً من المدنية لكنهم تعبدوا بهذا الترتيب رعاية للمصلحة العامة.
كما أنّ ما قالوه عن مصحف أُبيّ وابن مسعود واختلاف ترتيبَيهما مع مصحف عثمان ، فهي قد تكون مقولة صحيحة وقد لا تكون صحيحة ، فعلى كلا القولين لا خدش في قرآنية القرآن وانتساب النسخ جميعا لأصحابها.
أجل قد حكى ابن النديم عن الفضل بن شاذان (ت٢٦٠ هـ) قوله : وجدتُ في مصحف عبد الله بن مسعود تأليف سور القرآن على هذا الترتيب : البقرة ، النساء ، آل عمران ، المص ، الأنعام ، المائدة ، يونس ... (١).
وهو يدل على وجود مصحف لابن مسعود في متناول أيدي الناس في القرن الثالث الهجري ، لا يختلف ترتيبه عمّا في أيدي الناس اليوم ، وقد أقرّ نولدكه بوجود نسخ قديمة للمصحف عند المسلمين وهي موحدة الشكل والنص منذ القرون الأولى وذلك من خلال قوله : أمّا واضع الفهرست فيُخبِر أنّه رأى مخطوطاً للقرآن عمره٢٠٠ سنة يعود لابن مسعود (٢).
وقال ابن النديم أيضاً حكايةً عن الفضل بن شاذان : كان تأليف السور في قراءة أُبيّ بن كعب في البصرة في قرية يقال لها قرية الأنصار على رأس فرسخين عند محمد
__________________
(١) الفهرست : ٣٩.
(٢) تاريخ القرآن ٢ : ٢٧٣.