(وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) (١) ، وقوله : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقرآن هُدىً لِلنَّاسِ) (٢) ، وأمثال ذلك ، وهو ما اصطلحنا عليه بالنزول «الإيحائي» ، ومعناه : أنّ الله أراد أن يخبر رسوله منذ البداية ما سيؤول إليه أمر التشريع والقرآن في النهاية. أي أنّ الله أراد أن يعلمه بأنّه العالم بكلّ شيء وعلى الرسول أن يصل إلى ذلك باليقين والوجدان ، أي أنّ القرآن سيكون إقرائياً وتشريعياً للمسلمين بعد أن يثبت الله فؤاد النبي (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ) (مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) أو قل بأنّه سبحانه قدّم الماكت والمخطط منذ البداية وعلى الرسول السير والفقه.
المرحلة الثانية : النزول التدريجيّ على ما قضت به حكمة البارئ وفْق الحاجة والأحداث والمبرّرات ، طوال عشرين عاماً أو ثلاثة وعشرين عاماً ـ على خلافٍ في مدّة إقامته صلىاللهعليهوآله بمكّة ، هل هي عشر سنوات ، أو ثلاث عشرة سنة؟ أمّا إقامته في المدينة فعشر سنين بالاتّفاق.
والنزول التدريجي يكون على انحاء ، قد تنزل آية آية من سور مختلفة ، وقد تنزل خمس آيات أو عشر آيات معاً من سورة واحدة ، وقد تنزل سورة كاملة مثل سورة الأنعام لقوله عزّ وجلّ : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٠٥.
(٢) سورة البقرة : ١٨٥.