عِلْماً) (١) ، وقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقرآن تَنزِيلاً) (٢) ، ونظائرها كثيرةً في القرآن المجيد. وهذا ما نسمّيه بالتنزيل (الإقرائي).
فالتنزيل منجماً ـ من هذه السورة وتلك ـ لا يمكنه أن يصير قرآناً متلواً إلا بعد عرضه على النازل من اللوح المحفوظ وترتيبه ومطابقته معه (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، والجهلة من الناس كانوا لا يرتضون ذلك من رسول الله ويعتبرونه كذباً وافترائاً من الرسول على الله لتقديمه المتأخر وتأخيره المتقدّم في قرآن التلاوة لأنّهم كانوا لا يعلمون بأنّ القرآن كان قد نزل على الرسول دفعةً واحدة وهو يعلم بترتيب الآيات في السور (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) وبذلك يكون النبي محمّد وجبرئيل الأمين هما العالمان بالتنزيل والترتيب وهما اللذان أشرفا على جمع القرآن وتأليفه وترتيبه كما أراده الله شيئاً فشيئاً ، بخلاف ما اشتهر عند الجمهور من عدم جمع القرآن على عهد رسول الله وتركه لمن بعده من الخلفاء ، فهذا الكلام من قبل الآخرين باطل بنظرنا ويحدث خللاً في حجيّة القرآن لأنّ ليس لأحد غير المعصوم أن يجمع القرآن ، ولا أدري ماذا يعني بالجمع عندهم هل هو جمع ترتيب أم جمع حيازة؟ فإذا أرادوا بقولهم أنّ الخلفاء جمعوه جمع ترتيب فمن هم حتّى يجمعوه جمع ترتيب
__________________
(١) سورة طه : ١١٤.
(٢) سورة الإنسان : ٢٣.