إنّ ذلك ليس من مهامهم بل هو من وظائف رسول الله وجبريل الأمين لا غير ، وإن قالوا جمع حيازة فهو موجود عند الصحابة ولا فضيلة لهذا الجمع ، وعليه فحجيّة القرآن جاءت بالتواتر لا بالبيّنة والشهود ، لأنّ العادة تقتضي بفوات شيء على المتصدّي ـ في أي عمل ما ـ إن كان جامعه غير معصوم ، فلو تصدّي غير المعصوم لجمع ديوان شاعر أو أقوال عالم مثلاً فلا وثوق بعدم النقيصة في عمله أو عدم حدوث الخلل في جمعه وضبطه ، لأنّه إنسان خطّاء ، ولأجل هذا نرى عثمان يعترف بحدوث خلل في عمل لجنته حسبما رواه عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، قال : لما فرغ من المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه ، فقال : أحسنتم وأجملتم أرى شيئاً من لحن سنقيمه بألسنتنا (١).
وعن عكرمة قال قلت لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجد فيها حروفاً من اللحن لا تغيّروها فإنّ العرب ستغيّرها ، أو قال : ستغيّرها بألستنها لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد هذه الحروف (٢).
وروي عن سعيد بن الجبير أنّه روى عن ابن عباس قوله في آية : إنّما هي خطأ من الكاتب (٣).
وفي آخر عن ابن عباس أنّه قال عن آية في سورة الرعد أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس.
__________________
(١) تاريخ المدينة ٢ : ١٢٩ / ح ١٦٧٣.
(٢) الإتقان ١ : ٥٣٦ / ح ٣٤٨٣.
(٣) الإتقان ١ : ٥٤٢ / ح ٣٤٩٩.