والمشركون من عبدة الأوثان ، والمنافقون من أهل الشرك ، والرياء يسألون.
وكان القرآن ينزل بسبب هذه التساؤلات ، وتلك الاستفسارات مجيبا عنها موضحا ، مفصلا ، ومبينا لها ، ولأحكامها ، وقد أطلق على تلك الأسئلة ، والاستفسارات ، أسباب النزول.
فسبب النزول إذا : ما هو إلا سؤال ، أو استفسار ، أو استيضاح ، أو استبيان ، أو واقعة ، أو حادثة ، أو قصة ، أو حكاية وقعت ، ونزل القرآن من أجلها ، مجيبا عنها ، مفصلا لها ، مؤصلا لحكم الله فيها.
ويشترط في سبب النزول أن ينزل القرآن من أجله ، وبسببه أولا ، وأن ينزل القرآن في زمن وقوعه ثانيا.
يقول الإمام السيوطي : «والذي يتحرر في سبب النزول ، أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه ، ليخرج ما ذكره الواحدي في تفسيره في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة به ، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء ، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية ، كذكر قصة نوح ، وعاد ، وثمود ، وبناء البيت ، ونحو ذلك. وكذلك ذكره في قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) (النساء : ١٢٥). سبب اتخاذه خليلا ، فليس ذلك من أسباب النزول كما لا يخفى (١) ، ومن هنا فإن سبب النزول ينحصر فقط في السؤال ، أو الواقعة ، أو السبب الذي نزلت الآية ، أو الآيات القرآنية زمن وقوعه ، أو زمن حدوثه.
وإذا رمزنا إلى تلك الأسئلة والاستفسارات ، والوقائع ، أسباب النزول القرآني ، أو استعضنا عنها باسم الموصول : كالذي ، أو ما ـ فيمكننا أن نعرف سبب النزول كما يأتي :
سبب النزول «هو ما نزل القرآن من أجله ، للإجابة عنه ، أو لبيان
__________________
(١) السيوطي ، الإتقان ، ج ١ ، ص : ٣٢.