فالآيات من ١٠٥ إلى ١١٦ كلها نزلت في قصة واحدة.
أخرج الواحدي «أن رجلا من الأنصار يقال له : طعمة بن أبيرق ـ أحد بني ظفر بن الحارث ـ سرق درعا من جار له يقال له : قتادة بن النعمان ، وكانت الدّرع في جراب فيه دقيق ، فجعل الدقيق ينثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار ، وفيها أثر الدقيق ثم خبأها عند رجل من اليهود ، يقال له : زيد بن السمين ، فالتمست الدرع عند طعمة ، فلم توجد عنده ، وحلف لهم ، والله ، ما أخذها ، وما له به من علم ، فقال صاحب الدرع : والله قد أدلج علينا ، فأخذها ، وطلبنا أثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق ، فلما أن حلف تركوه ، وأتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي ، فأخذوه ، فقال : دفعها إليّ طعمة بن أبيرق ، وشهد له أناس من اليهود على ذلك ، فقالت بنو ظفر ـ وهم قوم طعمة ـ : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكلموه في ذلك ، فسألوه أن يجادل عن صاحبه ، وقالوا : إن لم تفعل ، هلك صاحبنا ، وافتضح ، وبرئ اليهودي ، فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفعل ، وكان هواه معهم ، وأن يعاقب اليهودي حتى أنزل الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) إلى (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) ، الآيات كلها ، وهذا قول جماعة من المفسرين» (١).
__________________
(١) الواحدي : أسباب النزول ، ص : ١٢٠ ـ ١٢١.