(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة : ٩٣)
فقال عمر : أخطأت التأويل يا قدامة ، إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرّم الله؟ ، وفي رواية ، فقال : لم تجلدني ، وبيني وبينك كتاب الله!! ، فقال عمر : وأي كتاب الله تجد ألّا أجلدك؟! قال : إن الله يقول في كتابه : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ...) الآية ، فأنا من الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، ثم اتقوا ، وآمنوا ثم اتقوا ، وأحسنوا ، شهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بدرا ، وأحدا ، والخندق والمشاهد ، فقال عمر : ألا تردّون على قوله؟ ، فقال ابن عباس : إن هؤلاء الآيات أنزلن ، عذرا للماضين ، وحجة على الباقين ، فعذر الماضين بأنهم لقوا الله قبل أن تحرم عليهم الخمر ، وحجة على الباقين ، لأنّ الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) ، ثم قرأ إلى آخر الآية ، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ثم اتقوا ، وآمنوا ، ثم اتقوا ، وأحسنوا فإن الله قد نهى أن يشرب الخمر ، قال عمر : صدقت» (١).
فإن معرفة ابن عباس لسبب نزول الآية أزال الغموض في فهمها.
٣ ـ غموض معنى الآية على نفر من أهل الشام في قوله تعالى :
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة : ٩٣)
حكى اسماعيل القاضي قال : «شرب نفر من أهل الشام الخمر ، وعليهم
__________________
(١) د : محمد أنيس عبادة : تاريخ الفقه الإسلامي ، ص : ٦٤.