من أحب أن ينظر إلى الشيطان ، فلينظر إلى نبتل بن الحارث، وكان يتحدث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيسمع منه ، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين ، وهو القائل : محمد أذن ، ومن حدثه شيئا ، صدقه!! ، فنزلت فيه الآية.
عن محمد بن إسحاق بن يسار ، وغيره قال : «نزلت في رجل من المنافقين يقال له : نبتل بن الحارث وكان رجلا أدلم أحمر العينين ، أسفع الخدين ، مشوه الخلقة ، وهو الذي قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيه من أراد أن ينظر الشيطان ، فلينظر إلى نبتل بن الحارث
، وكان ينم حديث النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المنافقين ، فقيل له : لا تفعل ، فقال : إنما محمد أذن ، من حدثه شيئا ، صدقه ، نقول ما شئنا ، ثم نأتيه فنحلف له ، فيصدقنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية» (١).
٥ ـ قوله تعالى في اليهودي كعب بن الأشرف :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (النساء : ٥١)
فاللفظ في الآية نزل بصيغة الخصوص ، وهو (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ).
وسبب نزول الآية خاص ، وهو اليهودي كعب بن الأشرف. حيث قدم مكة بعد أن شاهد قتلى بدر ـ حرض الكفار على الأخذ بثأرهم ، وغزو النبي صلىاللهعليهوسلم ، فسألوه من أهدى سبيلا؟ المؤمنون أم هم؟ ، فتملق عواطفهم ، وقال : بل أنتم أهدى من المؤمنين سبيلا (٢).
فالعبرة لخصوص اللفظ ، والسبب معا ، وحكم الآية خاص فيمن نزلت
__________________
(١) أخرجه الواحدي : أسباب النزول ، ص : ١٦٨.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٥ ، ص : ٨٥.