الفصل الثالث
تعدّد النزول مع وحدة السبب
ويعني أن يكون هناك سبب واحد لنزول آيات متعددة. ولا إشكال في ذلك ، فالواقعة الواحدة ، أو السبب الواحد قد يكون سببا في نزول أكثر من آية.
أمثلة : ١ ـ ما أخرجه الترمذي ، والحاكم عن أمّ سلمة أنها قالت : «يا رسول الله ، لا أسمع الله ذكر النّساء في الهجرة بشيء ، فأنزل الله :
(فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ). (آل عمران : ١٩٥)
وأخرج الحاكم عنها أيضا قالت : «قلت : يا رسول الله ، تذكر الرجال ، ولا تذكر النساء ، فأنزلت : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ).
(الأحزاب : ٣٥) ، وأنزلت : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) (الآية. آل عمران : ١٩٥).
وأخرج الحاكم عن أمّ سلمة ، أنها قالت : تغزو الرجال ، ولا تغزو النساء! وإنما لنا نصف الميراث. فأنزل الله : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً). (النساء : ٣٢)
فهذه الآيات الثلاث نزلت بسبب واحد ، وهو كلام ، وسؤال أم سلمة للرسول صلىاللهعليهوسلم بشأن ذكر القرآن للرجال دون النساء.