هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة ، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلىاللهعليهوسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم ، فرقا من كلام النبي صلىاللهعليهوسلم أن ينزل فيهم شيء ، أو يذكروا بشيء ، فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما ، وإذا أضاء لهم مشوا فيه ، وإذا أظلم عليهم قاموا ، فإن كثرت أموالهم ، وولدهم ، وأصابوا غنيمة ، أو فتحا مشوا فيه ، وقالوا : إن دين محمد حينئذ صدق ، واستقاموا عليه كما كان ذلك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق ، وإذا أظلم عليهما ، قاما. وكانوا إذا هلكت أموالهم ، وولدهم ، وأصابهم البلاء قالوا : هذا من أجل دين محمد ، وارتدوا كفارا كما قام ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما».
الآيتان : ٢٦ ، ٢٧ قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ ، الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)
أخرج ابن جرير عن السدي بأسانيده ، وأخرج الواحدي عن ابن عباس : «لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين ، قوله : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً). وقوله : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ).
قال المنافقون : الله أجلّ ، وأعلى من أن يضرب هذه الأمثال ، فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) ، إلى قوله : (هُمُ الْخاسِرُونَ)
.