دهرا ، وأدرك الإسلام فأسلم. وعامّة ما قال من الشعر في إسلامه ، وكان أصاب الطاعون خمسة من أولاده فماتوا في عام واحد وكانوا رجالا ولهم بأس ونجدة ، فقال في قصيدته التي أولها :
أمن المنون وريبها تتوجّع |
|
والدّهر ليس بمعتب من يجزع |
[الكامل]
ويقول فيها :
وتجلّدي للشّامتين أريهم |
|
أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع |
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كلّ تميمة لا تنفع |
والنّفس راغبة إذا رغّبتها |
|
وإذا تردّ إلى قليل تقنع |
[الكامل]
وأخرج ابن مندة من طريق البلوي ، عن عمارة بن زيد ، عن إبراهيم بن سعد : حدثنا أبو الآكام الهذلي عن الهرماس بن صعصعة الهذلي ، عن أبي ، حدثني أبو ذؤيب الشاعر ، قال : قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلّوا جميعا بالإحرام. فقلت : مه؟ فقالوا : قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وذكر ابن عبد البرّ أنّ ابن إسحاق روى هذا الخبر عن أبي الآكام ، وأوّله : بلغنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليل ، فاستشعرت حربا وبتّ بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها (١) ، ولا يطلع نورها ، حتى إذا كان قرب السحر أغفيت فهتف بي هاتف يقول :
خطب أجلّ أناخ بالإسلام |
|
بين النّخيل ومعقل الآطام |
قضي النّبي محمّد فعيوننا |
|
تذري الدّموع عليه بالتّسجام |
[الكامل]
قال : فوثبت من نومي فزعا ، فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح ، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب ، وعلمت أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قد مات ، فركبت ناقتي فسرت ... فذكر قصته ، وفيه أنه وجد النبيّ صلىاللهعليهوسلم ميتا ولم يغسل بعد ، وقد خلا به أهله ، وذكر شهوده سقيفة بني ساعدة وسماعه خطبة أبي بكر ، وساق قصيدة له رثى بها النبي صلىاللهعليهوسلم منها :
كسفت لمصرعه النّجوم وبدرها |
|
وتزعزعت آطام بطن الأبطح |
[الكامل]
__________________
(١) الدّيجور : الظلمة اللسان ٢ / ١٣٢٩.