ذكره مصعب الزّبيريّ ، فقال : كان أبو رافع عبدا لأبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية ، فأعتق كلّ من بنيه نصيبه منه إلا خالد بن سعيد ، فإنه وهب نصيبه للنبيّ صلىاللهعليهوسلم فأعتقه ، فكان يقول : أنا مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما ولي عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية (١) المدينة أيام معاوية دعا ابنا لأبي رافع فقال : مولى من أنت؟ فقال : مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فضربه مائة سوط ثم تركه ، ثم دعاه فقال : مولى من أنت؟ فقال : مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فضربه مائة سوط حتى ضربه خمسمائة سوط.
ذكر ذلك المبرّد في «الكامل» ، واقتضى سياقه أنه أبو رافع الماضي ، وجرى على ذلك ابن عبد البر ، وأورد القصة في ترجمة أبي رافع القبطي ، والد عبد الله بن أبي رافع كاتب عليّ ، وهو غلط بيّن ، لأن أبا رافع والد عبيد الله كان للعباس بن عبد المطلب فأعتقه.
قال أبو عمر : هذه القصة لا تثبت من جهة النّقل ، وفيها اضطراب كثير.
وقد روى عن عمرو بن دينار ، وجرير بن أبي حازم ، وأيوب ـ أن الّذي تمسك بنصيبه من أبي رافع هو خالد وحده. وفي رواية أخرى أنه كان لأبي أحيحة إلا سهما واحدا فأعتق بنوه أنصباءهم ، فاشترى النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك السهم فأعتقه.
قلت : قد ذكر أبو سعيد بن الأعرابيّ هذه القصة في معجمه من طريق جرير بن حازم ، عن حماد بن موسى ـ رجل من أهل المدينة ـ أن عثمان بن البهي بن أبي رافع حدثه ، قال كان أبو أحيحة جدّي ترك ميراثا ، فخرج يوم بدر مع بنيه فأعتق ثلاثة منهم أنصباءهم ، وهم : سعيد ، وعبيد الله ، والعاصي ، فقتلوا ثلاثتهم يوم بدر كفارا ، فأعتق ذلك بنو سعيد أنصباءهم غير خالد بن سعيد ، لأنه كان غضب على أبي رافع بسبب أمّ ولد لأبي أحيحة أراد أن يتزوّجها فنهاه خالد فعصاه فاحتمل عليه ، فلما أسلم أبو رافع وهاجر كلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالدا في أمره ، فأبى أن يعتق أو يهب أو يبيع ، ثم ندم بعد ذلك ، فوهبه للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأعتق صلىاللهعليهوسلم نصيبه ، فكان أبو رافع يقول : أنا مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما ولى عمرو بن سعيد بن العاص المدينة أرسل إلى البهي بن أبي رافع ، فقال له : من مولاك؟ قال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فضربه مائة سوط ، ثم قال له : من مولاك؟ فقال مثلها حتى ضربه خمسمائة سوط ، فلما خاف أن يموت قال : أنا مولاكم. فلما قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بن العاص مدحه البهي بن أبي رافع وهجا عمرو بن سعيد ، فهذا يبيّن أنّ صاحب هذه القصة غير أبي رافع والد عبد الله بن أبي رافع ، إذ ليس في ولده أحد يسمى البهي.
__________________
(١) في أأحيحة.