الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تدعو على من يقول : إن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال هذه القصيدة ، ثم تقول : والله ما قال أبو بكر بيت شعر في الجاهلية ولا في الإسلام ، ولكن تزوّج امرأة من بني كنانة ثم بني عوف ، فلما هاجر طلقها فتزوّجها ابن عمها هذا الشاعر ، فقال هذه القصيدة يرثي كفار قريش الذين قتلوا ببدر ، فتحامى الناس أبا بكر من أجل المرأة التي طلقها ؛ وإنما هو أبو بكر بن شعوب.
قلت : وكانت عائشة أشارت إلى الحديث الّذي أخرجه الفاكهي في كتاب مكة عن يحيى بن جعفر ، عن علي بن عاصم ، عن عوف بن أبي جميلة ، عن أبي القموص ؛ قال : شرب أبو بكر الخمر في الجاهلية ، فأنشأ يقول ... فذكر الأبيات ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقام يجرّ إزاره حتى دخل فتلقّاه عمر ، وكان مع أبي بكر ، فلما نظر إلى وجهه محمرا قال : نعوذ بالله من غضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والله لا يلج لنا رأسا أبدا ، فكان أول من حرمها على نفسه.
واعتمد نفطويه على هذه الرواية ؛ فقال : شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرّم ، ورثى قتلى بدر من المشركين. وأما ما أخرج البزار عن أبي كريب وجنادة عن يونس بن بكير ، عن مطر بن ميمون ، حدثنا أنس بن مالك ؛ قال : كنت ساقي القوم وفيهم رجل يقال له أبو بكر من بني كنانة ، فلما شرب قال :
تحيّى أمّ بكر بالسّلام |
|
وهل لي بعد قومك من سلام |
يحدّثنا الرّسول بأن سنحيا |
|
وكيف حياة أصداء وهام |
[الوافر]
قال : فنزل تحريم الخمر ، فذكر الحديث. وفيه كسر الآنية وإهراق ما فيها.
قال ابن فتحون : وهذا البيت لأبي بكر شداد بن الأسود بن شعوب ، من جملة قصيدة رثى بها أهل بدر ، فلعل أبا بكر الكناني تمثل بها في حال شربه.
قلت : خفي على ابن فتحون أن أبا بكر بن شعوب هو أبو بكر الكناني ، وظنّ أن الكناني مسلم ، وأن ابن شعوب لم يسلم ، فلذلك استدركه. وقد ذكر ابن هشام في زيادات السيرة أن ابن شعوب المذكور كان أسلم ثم ارتدّ. والله أعلم.
٩٦٣٨ ـ أبو بكرة الثقفي (١) : نفيع بن الحارث. تقدم.
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٧ / ١٥ ، المغازي للواقدي ٩٣١ ، التاريخ الكبير ٨ / ١١٢ ، التاريخ الصغير ٥٤ ، مقدمة مسند بقي بن مخلد ٨٢ ، المعارف ٢٨٨ ، المحبر ١٢٩ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٤٦ ، المعرفة والتاريخ