معنى الآيتين :
من المناسبات التى قيلت في نزول هاتين الآيتين : أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لما أخبر أصحابه أن ملك أمته سيبلغ كذا وكذا في أحاديث صحاح سخر اليهود والمنافقون من إخبار الرسول بذلك مستبعدين له غاية البعد لجهلهم وكفرهم فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين ضمن الرد على نصارى نجران فأمره أن يقول : (اللهُمَ (١) مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ..) الخ .. أمره أن يقول ذلك ليعطيه ما وعده به من إتساع ملك أمته حتى يشمل ملك فارس والروم ، وليرد على ضلال النصارى في تأليه عيسى عليهالسلام ، إذ المعبود بحق المستحق للعبادة والتأليه دون سواه من هو مالك الملك كله ، ويتصرف فيه وحده يؤتي منه ما يشاء لمن يشاء ، وينزع ممن أعطاهم ما شاء ومتى شاء لا يحول دون تصرفه حائل ، ولا يقف دون إعطائه أو نزعه واقف. يعز الذليل متى شاء ويذل العزيز متى شاء ، بيده الخير (٢) لا بيد غيره يفيضه على من يشاء ، ويمنعه عمّن يشاء وهو على كل شيء قدير. يولج النهار في الليل فلا يبقى نهار ، ويولج الليل في النهار فلا يبقى ليل ، مظهر من مظاهر القدرة الموجبة لألوهيته وطاعته ومحبته ، ويدخل ساعات من الليل في النهار فيقصر الليل ويطول النهار ، ويدخل ساعات من النهار في الليل فيطول ، مظهر من مظاهر الحكمة والقدرة والرحمة ، يخرج الحي من الميت الانسان من النطفة والنبتة من الحبة ويخرج الميت من الحي النطفة من الإنسان الحي ، والبيضة من الدجاجة ، والكافر الميت من المؤمن الحي ، والعكس كذلك ، هذه مظاهر ربوبيته المستلزمة لألوهيته فتقرر أنه الإله الحق ، لا رب غيره ولا إله سواه ، وبذلك تأكد أمران : الأول : أن الله قادر على اعطاء رسوله ما وعده لأمته ، وقد فعل ، والثاني : أن عيسى لم يكن إلا عبدا مربوبا لله بالعبودية وشرفه بالرسالة وأيده بالمعجزات.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ فضل الدعاء (٣) بهاتين الآيتين بأن يقرأهما العبد ثم يقول : رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
__________________
(١) ذكر القرطبي أن النضر بن شميل قال : من قال اللهم فقد دعا الله تعالى بجميع أسمائه كلها ، وقال الحسن البصري : اللهم : تجمع الدعاء.
(٢) والشرّ بيده أيضا وحذف لتطلب المقام ذلك نحو : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد.
(٣) أخرج أبو نعيم في الحلية أن معاذا حبس يوما عن صلاة الجمعة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله عما حبسه فقال كان عليّ دين ـ