بقوله (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) أي يكذبون ويجحدون ، وأطلق الظلم وأريد به التكذيب والجحود لأمرين هما :
أولا : اكتفاء بحرف الجر الباء إذ لا تدخل على ظلم ولكن على كذب أو جحد يقال كذب به وجحد به ولا يقال ظلم به ولكن ظلمه وهذا من باب التضمين وهو سائغ في لغة العرب التي نزل بها القرآن.
وثانيا : أنهم بدل أن يؤمنوا بالآيات وهي واضحات كذبوا بها فكانوا كأنهم ظلموا الآيات ظلما حيث لم يؤمنوا بها وهي بينات.
هذا ما دلت عليه الآيتان أما الآية الخامسة (١٠) فقد تضمنت امتنان الله تعالى على عباده ، وكان المفروض أن يشكروا نعمه عليهم بالإيمان به وتوحيده وطاعته ، ولكن الذي حصل هو عدم الشكر من أكثرهم قال تعالى (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) حيث جعلهم متمكنين في الحياة عليها يتصرفون فيها ويمشون في مناكبها ، وقوله (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) (١) هذه نعمة أخرى وهي أن جعل لهم فيها معايش وأرزاقا يطلبونها فيها ويحصلون عليها وعليها قامت حياتهم ، وقوله (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) أي لا تشكرون إلا شكرا يسيرا لا يكاد يذكر.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والسؤال والحساب ووزن الأعمال يوم القيامة.
٢ ـ صعوبة الموقف حيث تسأل الأمم والرسل عليهمالسلام كذلك.
٣ ـ الفلاح والخسران مبنيان على الكسب في الدنيا فمن كسب خيرا نجا ، ومن كسب شرا هلك.
٤ ـ وجوب شكر النعم بالإيمان والطاعة لله ورسوله.
(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا
__________________
(١) المعايش : جمع معيشة ، والمعيشة : ما يتوصل به إلى العيش الذي هو الحياة من المطاعم والمشارب. والتمكين في الأرض : معناه جعلها قارة ممهدة لا تضطرب ولا تتحرك فيفسد ما عليها.