(وَتَنْحِتُونَ) : تنجرون الحجارة في الجبال لتتخذوا منازل لكم لتسكنوها.
(آلاءَ اللهِ) : نعم الله تعالى وهي كثيرة.
(وَلا تَعْثَوْا) : أي لا تفسدوا في الأرض مفسدين.
(اسْتَكْبَرُوا) : عتوا وطغوا وتكبروا فلم يقبلوا الحق ولم يعترفوا به.
معنى الآيات :
هذا القصص الثالث قصص نبي الله صالح عليهالسلام قال تعالى (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) أي وأرسلنا إلى قبيلة ثمود (١) أخاهم صالحا نبيا أرسلناه بما أرسلنا به رسلنا من قبله ومن بعده بكلمة التوحيد (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) وهذا مدلول كلمة الإخلاص التي جاء بها خاتم الأنبياء «لا إله إلا الله» (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) تشهد بأنه لا إله إلا هو ، وأني رسوله إليكم ، هذه البينة (٢) ناقة تخرج من صخرة في جبل ، (هذِهِ ناقَةُ (٣) اللهِ لَكُمْ آيَةً) علامة وأية علامة على صدقي في إرسال الله تعالى لي رسولا إليكم لتعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا ، فذروا هذه الناقة تأكل في أرض (٤) الله (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، فكانت الناقة نرعى في المرج ، وتأتي إلى ماء القوم فتشربه كله ، ويتحول في بطنها إلى لبن خالص فيحلبون ما شاءوا وقال لهم يوما هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ، ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ، ووعظهم عليهالسلام بقوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ) أي بعد هلاكهم ، وكانت ديار عاد بحضرموت جنوب الجزيرة العربية وديار ثمود بالحجر شمال الجزيرة بين الحجاز والشام. وقوله (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أرض الحجر تتخذون من سهولها قصورا (٥) تسكنونها في الصيف ، وتنحتون من الجبال بيوتا تسكنونها في الشتاء ، (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) أي نعمه العظيمة لتشكروها بعبادته وحده دون ما اتخذتم من أصنام ، وحذّرهم من عاقبة الفساد فقال (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي لا تنشروا الفساد في الأرض بالشرك وارتكاب المعاصي وإزاء هذه الدعوة
__________________
(١) ثمود : يصرف ولا يصرف فمن صرفه : على أنه اسم للحي ، ومن منعه : على أنه علم على القبيلة.
(٢) هذه الناقة هم الذين طالبوا بها لتكون آية على صدق نبوّة صالح ، ولمّا جاءتهم كفروا بها.
(٣) إضافة الناقة إلى الله تعالى للتشريف والتخصيص إذ كل ما في الكون هو لله عزوجل.
(٤) أي : ليس عليكم رزقها ومؤونتها.
(٥) استدل بعضهم على جواز بناء القصور للسكن بهذه الآية وبحديث : (إنّ الله إذا أنعم علي عبد أحب أن يرى أثر النعمة عليه) وكره ذلك بعض ، لحديث : (وما أنفق المؤمن من نفقة فإنّ خلفها على الله عزوجل إلّا ما كان في بنيان أو معصيّة) رواه الدارقطني.